بسم الله الرحمن الرحيم
التعليم في مصر
لدينا في مصر مشكلة الزيادة السكانية، وهذه
المشكلة تلقي بظلالها على التعليم، فمعظم هؤلاء السكان من الشباب والأطفال ما يؤدي
لامتلاء الفصول، فقد وصلت الكثافة في بعض المدارس الحكومية إلى 120
تلميذا في الفصل الواحد، أما في المدارس الابتدائية، فإن كثافتها لا تقل عن90
تلميذا، وذلك في عام 2016.
وقد انتهت الدولة خلال الفترة من 2014 حتى الآن من 4474 مشروعا مدرسيا بما
يعادل 68150 فصلا، تخدم 2726000 طالب، وجار إنشاء 1091 مشروعا تعادل 17296 فصلا،
ساهمت في خفض الكثافات واستيعاب جزء من الزيادة السكانية، فيما تم عمل صيانة وتطوير
شامل للمدارس وإنشاء وإحلال للأسوار في 14572 مشروعا تعليميا، وذلك حتى 14-11-2020.
هذه المجهودات جاءت لحل مشكلة كثافة الفصول،
فلا يمكن للطالب تحمل الازدحام الشديد داخل فصل يمكث فيه حوالي سبع ساعات، ولا
يمكن للمدرس الاهتمام بكل هذا العدد من الطلاب.
كل هذه المجهودات المشكورة تدخل تحت بند
البنية الأساسية التعليمية، بينما جودة التعليم لم تزل همّ آخر، ليست لدينا رفاهية
الحلم بها الآن، ففي الغرب تنفق الميزانيات على جودة الحياة ومنها التعليم، ومعظم
السكان هناك من المسنين، فالاهتمام ينصب على عدد من الطلاب ضئيل بالمقارنة بعدد
الطلاب في مصر.
ولكننا إذ نعترف بأن جودة التعليم متدنية لا يمكننا أن ننكر تواجد أعداد من
الطلاب المتميزين، والذين يرتفع بهم الأمل ناحية التقدم العلمي، هذا التوقع يأتي
أساسا من زيادة عدد الطلاب في المدارس، فكلما زاد العدد كلما كثر المتميزون.
والاهتمام بهؤلاء المتميزين لا يفيض من جانب المدرسة وحسب، بل إن دور
الأسرة أهم من دور المدرسة، وهناك ناحية نوعية وهي تواجد تعليم بديل: فإذا كان
المدرس في المدرسة غير كفء كفاية خاصة مع مناهج متطورة، فهناك مدرس آخر يعطي الشرح
اهتمامه ويهتم بالطالب، ولا يمكن إطلاق اسم الدروس الخصوصية على هذا التعليم،
فهؤلاء المعلمون لا يقومون بابتزاز ولي الأمر، ومع ضآلة ما يتحصلون عليه من الطلاب
من مال إلا أن ذلك لا يقلل من اهتمامهم ولا يؤثر في واجبهم.
وتواجد ثلاث نوعيات من الاهتمام بالطالب في المدرسة ومن الأسرة والثالث هو
الدعم العلمي من المدرس البديل يقود كل ذلك إلى زيادة القدرة العلمية للطالب
وإجادته للمادة العلمية المدروسة وإحاطته بدقة بمعلوماتها العلمية المفصلة.
وهناك مشكلة في مصر هي تخلف التعليم الفني،
فالتعليم الفني لا يقلّ عن باقي جهات التعليم، فهو المجال الذي يتعامل مع التكنولوجيا،
الأمر الذي يتطلب عمالا قادرين على استيعاب النواحي العلمية والفنية التي بنيت بها
هذه التقنية، وما لذلك من متطلبات كمثل إجادة اللغة الأجنبية وتواجد خلفية علمية،
ولكن البون شاسع بين طلاب التعليم الفني والتعليم الجامعي، وذلك رغم الحاجة لتفوق
طلاب التعليم الفني.
والتعليم الفني في البلاد المتقدمة هو ركيزة
العمل، وفي مصر ينظر المجتمع بطريقة متدنية لطلاب التعليم الفني، رغم أن الأصل هو
أن الطلاب في التعليم الفني عليهم أن يدرسوا المناهج العلمية الحديثة وتطبيقاتها
المتطورة، فيجب الاهتمام بالتعليم الفني بأن يكون على نفس قدر التعليم العالي،
فيستحق الملتحقون به الدخول للكليات والمعاهد العالية، فبدلا من أن تتركز الأعداد
في الكليات النظرية، ربما اقتسمت الكليات العملية معها هذا العدد، وهذا ما يناسب
ظروف سوق العمل.
ومن سلبيات عدم تطور التعليم الفني عدم قدرة
الحرفيين على مواكبة العصر، فبمرور السنين تتغير الأدوات والآلات، كمثل؛ تطور
السيارات والقطارات والطائرات والأجهزة الكهربية ودخول البرمجة العمل الصناعي،
الأمر الذي يؤدي لتغير طرق الصيانة والإصلاح وطريقة التشغيل، فإن لم يستطع الحرفي
مواكبة العصر فإن نتيجة ذلك هي ضياع عمله، وهو في حاجة للخلفية العلمية واللغة
الأجنبية لتتيسّر له تلك المواكبة، فالتعليم قد يعطي النضج في الفهم والحيوية مع
الجديد.
وعلى الجانب الآخر تقف مجانية التعليم، وأعني
بذلك أن الدولة لا تبيع العلم للناس، ولا تبيع مقاعد المدرسة أو الجامعة، الأمر
الذي يوسع قاعدة المتعلمين، والأفضل من ذلك هو أن تيسير التعليم لكل الناس حتى
الجامعي منه يرضي النفوس، الأمر الذي يرتد أثره على المجتمع بقيام المتعلم بدوره
في خدمة الناس دون أن يبتزهم، فالمدرس لن يرفع شهريته، والطبيب لن يرفع سعر الكشف،
وهذا الأمر من الممكن أن نتحسسه بيننا.
وقد تجد أن هذا هو الذي تقول به هذه الآية في
سورة الأعراف إذ يقول تعالى: "وَالْبَلَدُ
الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ
إِلَّا نَكِدًا ۚ كَذَٰلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ (58)". نَكِدَ الشيءُ: نزَر وقلّ
فالبلد الطيب الذي لا ينكر فيه العطاء والنصح والتسامح ينشأ فيه النشؤ على
خلق ومودة، فإذا كانوا رجالا استمروا على ما نشأوا عليه، والبلد الخبيث الذي يقبل
السوء ويشح عطاؤه ويقل تسامحه ينشأ النشؤ فيه وقد رأوا السوء ما قد تجدهم يتأذون
منه هم وأهلوهم، فإذا كانوا رجالا أساءوا لغيرهم، ورفضوا العطاء والتسامح، فالبلد
الطيب نباته أخضر، والبلد الخبيث النبات فيه قليل الخضرة.
تعليقات
إرسال تعليق