حسبنا الله
ونعم الوكيل
الجزء الرابع
بسم الله
الرحمن الرحيم
في هذه
المقالات نتناول الآيات التي يقول الله تعالى فيها: "وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي
وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ ۚ هَٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ (36) فَاخْتَلَفَ
الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ ۖ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ
يَوْمٍ عَظِيمٍ (37) أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا ۖ لَٰكِنِ
الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (38) وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ
الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ
(39) إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ
(40)". مريم
ونحن الآن
نتوقف مع الآيتَين الآخرتَين.
ولعل يوم
الحسرة الأكبر هو يوم القيامة، حين يكون الملك للرحمن، وهو يوم الفصل يفصل الله
فيه بين العباد، وهو يوم الجزاء، إذ أن الصالح والطالح يفرق بينهم يومئذٍ… .
ولكن الله
سبحانه وتعالى لا يترك شأن الدنيا، فهو سبحانه وتعالى الحي القيوم، فإنّ للظالم
يوما قريبا في الدنيا قبل الآخرة، وطريق الفسق مليءٌ بالبلايا، ولقد أهلك الله
الأمم بفسقها وكفرها بعدما أرسل إليهم رسلا منذرين.
وعن عذاب في
الدنيا قبل الآخرة يقول تعالى: "وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ ۖ لَوْ
يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ ۚ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ
لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلًا (58) وَتِلْكَ الْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ
لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا (59)". الكهف
فللظالمين يوم
قدره الله عليهم، وجعل له ميعادا، ولا يعني أن تأخر العذاب أن هناك ما يمنعه،
فالله تعالى إذا قضى أنفذ، ولا يعجزه شيء.
ويقول تعالى:
"وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ
هُمْ قَائِلُونَ (4) فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا إِلَّا أَن
قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (5)". الأعراف
ويوم نزول
العذاب من عند الله تعالى، فذلك هو الحق لا يرده شيء، وليس هناك من حلٍّ أو دافع
يدفعه، ولقد ذهب الستر عن العيون إذ أدركوا أنهم كانوا ظالمين، لقد كانوا على
باطل، وهذا هو منتهاهم.
ويقول تعالى:
"لَّهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ
أَشَقُّ ۖ وَمَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ (34)". الرعد
لا يظن
الفاسقون والظالمون أن طريقهم هو طريق السعادة، بل هو طريق الشقاء، عذاب الدنيا
قبل الآخرة.
ويقول تعالى:
"وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ
أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (55) أَن تَقُولَ
نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ
السَّاخِرِينَ (56)". الزمر
وطريق الإيمان
بالله تعالى ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ واتباع دينه القويم هو طريق الفلاح
والنجاة، ومخالفته والسير في سبل العصيان هذا هو طريق الخسران، فالذين يتبعون
الدين هم في نجاة وفلاح، أما الذين يحيدون عنه فماذا ينتظرون إلا أن يأتيهم العذاب
بغتة!! فيتحسرون على عصيان الله ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم، ويندمون على تفريطهم
في اتباعهم لدين ربهم.
أما الآيتَان
اللتان نتناولهما واللتان يقول تعالى فيهما: "وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ
الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ
(39) إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ
(40)". مريم
فلا شك أن يوم
الحسرة الأكبر هو يوم القيامة، والجزاء فيه من جنس العمل.
وكذلك فإن
أصحاب الباطل يتندمون ويتحسرون لما يروا عاقبة عملهم في الدنيا، فالذي يزرع الشر
يحصده، والذي يتقي ربه ويعمل صالحا يحصد الخير.
فالذي يبني
ويرفع بناءه عليه أن يعمره بالإيمان والعمل الصالح، وهذا هو الفلاح، أما الذي يتبع
غير الحق، ويؤسس بنيانه على الباطل، فقد لا يجني غير الفشل، وسيتحسّر على خسارته.
وهذا ما علينا
أن نصدقه ولا نغفله؛ المتقون هم المفلحون، وأصحاب الباطل في خسارة.
وسيأتي اليوم
الذي ينصلح فيه الحال، وترجح كافة التقوى، فالله تعالى هو الوارث، وإليه المصير.
وتتحدث الآيتان
عن إنذار يوم الحسرة، لهذا كان على كل عاقل أن يزن أفعاله ليدرك إلى أين تقوده.
تعليقات
إرسال تعليق