القائمة الرئيسية

الصفحات

ملك نبي الله سليمان عليه السلام الجزء الأول

 


ملك نبي الله سليمان عليه السلام الجزء الأول

بسم الله الرحمن الرحيم

لقد أتى الله سيدنا سليمان عليه السلام ملكا لا ينبغي لأحد من بعده، ولقد أراد سيدنا سليمان عليه السلام أن يستقبل نعمة الله عليه بالشكر والحمد، فيستزيد منها ويزيد الخلق، مخبتا لله متواضعا لجلاله.

وقد روي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ: "إِنَّ عِفْرِيتًا مِنْ الْجِنِّ تَفَلَّتَ عَلَيَّ الْبَارِحَةَ ـ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا ـ لِيَقْطَعَ عَلَيَّ الصَّلَاةَ، فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبِطَهُ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، حَتَّى تُصْبِحُوا وَتَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ أَخِي سُلَيْمَانَ "رَبِّ هَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي" قَالَ رَوْحٌ: "فَرَدَّهُ خَاسِئًا". فتح الباري شرح صحيح البخاري» كتاب الصلاة» أبواب استقبال القبلة» باب الأسير أو الغريم يربط في المسجد. وروح أحد رواة الحديث.

ولقد ورد ذكر عن سيدنا سليمان ووالده نبي الله داود عليهما السلام في قوله تعالى في سورة النمل: "وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا ۖ وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15) وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ۖ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16) وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19)".

ورد في تفسير القرطبي عن أول آية؛ قوله تعالى: ولقد آتينا داود وسليمان علما أي فهما؛ قاله قتادة، وقيل: علما بالدين والحكم وغيرهما كما قال: وعلمناه صنعة لبوس لكم، وقيل: صنعة الكيمياء، وهو شاذ، وإنما الذي آتاهما الله النبوة والخلافة في الأرض والزبور.

ولكن إذا اعتبرنا أن الآيات التالية على هذه الآية هي مفسرة لها، أي أن العلم الذي أوتياه هو علم منطق الطير، وصفات الأشياء الواردة في قوله تعالى: "وأوتينا من كل شيء"، وهذه الأشياء قد تجد منها ما يندر وجوده، أو هو موجود في صحراء بعيدة، أو تحت عمق البحر، ولكن فائدة تلك الأشياء هي في تركيب الأدوات أو الآلات أو صنع العجيب من المواد، ليس هذا فقط ولكن سيدنا سليمان عليه السلام تعلم لغة النمل، ومما بقي من آثار الحضارات القديمة ما يدل على تقدم معرفي وعلمي؛ فعلى ذلك لكان الشاذ هو الأقرب لهذه المعاني.

ومعنى قوله تعالى: "وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين"؛ فقد أثنيا على الله تعالى بالحمد الجميل لأن مهنة العلوم لا تتوفر للناس، بل تتوفر لفئة يسيرة منهم، وهي فيها من العجائب ما يثير دهشة من يمارسها.

والأثر العلمي الظاهر من التجربة قد ينكره بعض الناس، ولا يقع في قلوبهم التصديق به، إلا أن العالم يدرك أن رؤيته ثبتت بظهور هذا الأثر، أو انحرفت لشيء قد كان يجهله، وهو يعي ويدرك كيف ظهر الأثر ولماذا، وهذا ما قد نسميه إيمانا أي اطمئنانا للعلم والتجربة والثقة بهما، فقوله تعالى: "الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين" يشير إلى أهمية الإيمان والاطمئنان للعلم، فالعلم مهنة يمارسها المؤمن، وقد لا يفقهها المنكر.

أما بخصوص الآية التالية فقد ورد في تفسير القرطبي عن قوله تعالى: "وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء" قال الكلبي: كان لداود صلى الله عليه وسلم تسعة عشر ولدا فورث سليمان من بينهم نبوته وملكه. قال مقاتل: كان سليمان أعظم ملكا من داود وأقضى منه، وكان داود أشد تعبدا من سليمان.

تعليقات