القائمة الرئيسية

الصفحات


 

بسم الله الرحمن الرحيم

رؤى من قضايا المرأة المسلمة

جاء الإسلام وقد كانت العرب تئد البنات، فأكرم المرأة ورفع من شأنها، وأمر بحسن التربية، وأمر بحسن العشرة بين الزوجين، ووفّاها حقوقا لم تكن تعطى لها...

ولقد أثنى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ على المرأة التي تعمل فتنفق، فعن عائشَةَ قالَتْ: قال رسولُ اللهِ ـ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ـ لأزواجِه: "أسرَعُكُنَّ لُحوقًا بي أطوَلُكُنَّ يدًا". قالَتْ عائشَةُ: فكُنَّا إذا اجتمَعْنا في بيتِ إحدانا بعدَ وَفاةِ رسولِ اللهِ ـ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ـ نَمُدُّ أيدِيَنا في الجِدارِ نتَطاوَلُ، فلم نزَلْ نَفعَلُ ذلك حتى تُوُفِّيَتْ زَينَبُ بنتُ جَحشٍ ـ وكانتِ امرأَةً قصيرَةً ولَم تكُنْ أطوَلَنا ـ فعرَفْنا حينئِذٍ أنَّ النبيَّ ـ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ـ إنَّما أراد بطولِ اليَدِ الصدَقَةَ، وكانتْ زَينَبُ امرأَةً صنَّاعَةً باليَدِ، وكانتْ تَدبُغُ وتَخرِزُ وتتصَدَّقُ في سبيلِ اللهِ. فتح الباري لابن حجر، الصفحة أو الرقم 3\337، خلاصة حكم المحدث: له روايات يعضد بعضها بعضاً.

فالمرأة التي تطيع الله ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم، فتعمل بتلك الطاعة، ولا تخالف ما جاء به الشرع الحنيف، لها الحق في العمل، بل إن المرأة التي تعمل وتتصدق خير من التي تمكث ساكنة.

وتجد أن خير مثال للمرأة العاملة هو المرأة الريفية التي لم تكتف بدورها كأم وزوجة وقيامها بالأعمال المنزلية، بل تقوم بعملها خارج المنزل جنبًا إلى جنب مع الرجل، حيث إنها في كثير من الأحيان تفوقه في مهامه الإنتاجية، ويعتمد غالبيتهن على الموارد الطبيعية والزراعة وتربية الحيوان لكسب عيشهن.

ولقد حث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على حسن تربية البنات، فعن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَقُولُ: "مَنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ فَصَبَرَ عَلَيْهِنَّ، وَأَطْعَمَهُنَّ، وَسَقَاهُنَّ، وَكَسَاهُنَّ مِنْ جِدَتِهِ، كُنَّ لَهُ حِجَابًا مِنْ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".  سنن ابن ماجه » كتاب الأدب » باب بر الوالد والإحسان إلى البنات

فوالد البنات يصبر على ما قد يجده منهن من سوء أو تقصير، ويسعى جاهدا لتعليمهن وإصلاح أحوالهن، وقد تختلف النفقة على الولد عن النفقة على البنت، فقد تجد أن نفقات البنات كثيرة، وهنا يندب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حسن النفقة على البنات ليعلم الوالد أمراً، وهو؛ إدخال السرور على البنات بحسن المطعم والملبس، وتوفير لوازم الحياة.

والمرأة لها دخل في أمور المجتمع العامة، وقد جعل لها الشرع نصيب بين الرجال.

فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ عَنْ الرَّجُلِ يَجِدُ الْبَلَلَ، وَلَا يَذْكُرُ احْتِلَامًا. قَالَ: "يَغْتَسِلُ". وَعَنْ الرَّجُلِ يَرَى أَنَّهُ قَدْ احْتَلَمَ، وَلَا يَجِدُ الْبَلَلَ. قَالَ: "لَا غُسْلَ عَلَيْهِ"، فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: الْمَرْأَةُ تَرَى ذَلِكَ أَعَلَيْهَا غُسْلٌ؟ قَالَ: "نَعَمْ، إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ". سنن أبي داود» كتاب الطهارة» باب في الرجل يجد البلة في منامه

الشَّقِيقُ: النّظِيرُ والمثيل، وفي الحديث: النساء شَقَائق الرِّجال.

فالمرأة مثل الرجل لها كامل الحقوق، وعليها مثل التكاليف، والمرأة لا تصلي ولا تصم فترة الحيض ما قد يشير إلى تخفيف الشرع عن الناس بسبب العذر، ولم تمنع المرأة من الشهادة، وتشهد المرأة، وقد تطعن شهادة الرجل.

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَنَّهُ قَالَ: "يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ، وَأَكْثِرْنَ الِاسْتِغْفَارَ، فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ"، فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ جَزْلَةٌ: وَمَا لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ؟ قَالَ: "تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، وَمَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَغْلَبَ لِذِي لُبٍّ مِنْكُنَّ"، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ وَالدِّينِ؟ قَالَ: "أَمَّا نُقْصَانُ الْعَقْلِ: فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ تَعْدِلُ شَهَادَةَ رَجُلٍ، فَهَذَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ، وَتَمْكُثُ اللَّيَالِي مَا تُصَلِّي وَتُفْطِرُ فِي رَمَضَانَ، فَهَذَا نُقْصَانُ الدِّينِ". شرح النووي على مسلم» كتاب الإيمان» باب بيان نقصان الإيمان بنقص الطاعات وبيان إطلاق الكفر على كفر النعمة والحقوق

يقول تعالى: "... وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ ۖ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ ۚ ... (282)" البقرة

ولقد ذكر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ صفات سيئة قد توصف بها المرأة، وحسن تعليم المرأة وتأديبها هو ما يقلل من تلك الصفات.

وقوله تعالى: "ممن ترضون من الشهداء" ينطبق على الرجال والنساء، فكما قلنا قد تطعن شهادة الرجل وتشهد المرأة.

والإسلام شرّف المرأة ورفع قدرها وأعطاها حقوقها، يقول تعالى: "إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)". الأحزاب

ورد في تفسير ابن كثير: روى الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن شيبة، سمعت أم سلمة زوج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تقول: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: ما لنا لا نذكر في القرآن كما يذكر الرجال؟ قالت: فلم يرعني منه ذات يوم إلا ونداؤه على المنبر، قالت، وأنا أسرح شعري، فلففت شعري، ثم خرجت إلى حجرة من حجر بيتي، فجعلت سمعي عند الجريد، فإذا هو يقول عند المنبر: "يا أيها الناس، إن الله يقول: "إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات" إلى آخر الآية. وهكذا رواه النسائي وابن جرير، من حديث عبد الواحد بن زياد، به مثله.

والآية الكريمة تقول بأن الرجل والمرأة متساوون في التكاليف الشرعية، وكذلك في الثواب على الأعمال الصالحة، ولا فرق بين الرجل والمرأة في الإسلام والإيمان وأيا من الأفعال القلبية.

وفرّق لنا الإسلام بين الرجل والمرأة، وذلك الفرق هو لما بين الاثنين من اختلاف طبيعي وفطري....

يقول تعالى: "وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا ۖ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ ۚ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (32)". النساء

ورد في تفسير الطبري: عن مجاهد قال: قالت أم سلمة: يا رسول الله، لا نعطَي الميراث، ولا نغزو في سبيل الله فنُقتل؟ فنـزلت: "ولا تتمنوا ما فضَّل الله به بعضكم على بعض".

فالمقارنة بين الرجل والمرأة ليست مقارنة جامدة، بل إن للرجال فطرة تختلف عمّا فطرت عليه النساء، ولكل فريق ما أعطاه الله تعالى ولم يعطه للآخر، والناظر يجد أن كثيرا من النساء قد فاقوا كثيرا من الرجال، وذلك لأن تلك النساء تعلمت واجتهدت، وهذا هو الوارد في الآية الكريمة في قوله تعالى: "واسألوا الله من فضله".

فإن كانت الرجال تجاهد في سبيل الله، فالمرأة تحمل في ولدها، يقول تعالى: "وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ۚ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15)". الأحقاف

والحمل فيه من المشقة، والولادة فيها من الألم، وكذلك المرأة هي التي تحتضن ولدها وترضعه، ويبقى قلب ابنها متعلقا بها، وهذا مما أعطاه الله تعالى للمرأة وميزها به عن الرجل.

تعليقات