القائمة الرئيسية

الصفحات

 


بسم الله الرحمن الرحيم

مشروع توشكي

قصة بداية المشروع: حقق الاقتصاد المصري فائضاً في الموازنة العامة خلال الفترة 1997- 1999، وقد يرجع ذلك إلى برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي بدأته مصر منذ بداية التسعينات، بعد أن وصل العجز في الميزانية عام 91 إلى 20%.

ومسألة الفائض بعد الإصلاح ساهمت في تكوين الاتجاهات واختلافها تجاه مشاريع التنمية، فمن المتابعين من خاف من هذه المشاريع بعد الإصلاح باعتبارها بالوعة للمالية، وعلى الجانب الآخر شجع نجاح الإصلاح اقتحام مجال هذه المشاريع، فاعتبار المشروع خيانة لأنه يأكل المال هي وجهة نظر من عاشوا الإصلاح وقالوا:

الكفراوي يقول: الساحل الشمالي فيه أربعمائة ألف فدان وتستهلك خمس كمية المياه في توشكي، أتوجه للزراعة في توشكي وأقوم بإغلاق ترعة الحمام، وقالوا: المنطقة التي يقام فيها المشروع درجة الحرارة الشهرية فيها من أعلى درجات الحرارة في العالم، الأمر الذي يؤدي لرفع درجة البخر، وفي مؤتمر للباحثين أخبروا أن تكلفة المشروع ستكون أكبر من العائد منه...

ولكن هناك سبب شجع على قيام مشروع توشكي رغم المعوقات من درجة الحرارة، أو حتى تواجد فرص أخرى كزراعة مطروح، وهو: دخول المياه إلى مفيض توشكي لأول مرة في 15 أكتوبر 1996 حيث وصل منسوب المياه أمام السد العالي إلى 178,55 متر، وهذه المعلومة غاية في الحساسية، فالسد العالي لا تخرج من ورائه أي قناة للري رغم ارتفاع المياه أمامه، ودخول المياه مفيض توشكي أعطى الفرصة لإقامة قناة وسط الصحراء.

ومن فوائد المشروع: أدى المشروع إلى تطوير مدينة أبو سنبل حيث زاد تعدادها من حوالي 2000 نسمة إلى 21 ألف نسمة حالياً وكذلك تطوير ميناء أبو سنبل وزيادة وسائل النقل وسهولة الانتقال بين أسوان وأبو سنبل، وتم استزراع 18 ألف فدان حول خور توشكي، وزادت المستشفيات من مستشفى إلى ثلاث، والورش الحرفية من أربع إلى أربعين بالإضافة إلى العديد من المطاعم والبنوك مما أتاح 17 ألف فرصة عمل إضافية.

وهذا هو الذي يمثل الغاية الأسمى لمشروع كهذا وهو توفير مساحة عيش جديدة، فالمشكلة السكانية ليست مجرد الزيادة بل كذلك في محدودية مساحة العيش بجوار النيل، وهذا الأمر هو الذي يدفع الحكومة إلى الاستثمار في مشاريع مكلفة بعيدة وغير مجدية على المدى القريب كتوشكي وغيرها.

يبدو أن الحكومة أقامت هذا المشروع على أساس الشراكة مع القطاع الخاص، وتمثل دورها في إنشاء أعمال البنية التحتية (المحطة وشبكة القنوات الرئيسية)، وتشغيل وإدارة وصيانة البنية الأساسية للمشروع.

ولقد تم التعامل مع القطاع الخاص بالفعل لزراعة الأرض، فلقد خصصت الحكومة مساحة 100 ألف فدان لشركة المملكة للتنمية الزراعية لم يتم استصلاح إلا 600 فدان فقط، وأقامت الشركة محطة رفع لاستصلاح 1400 فدان إضافية، وللشركة مزرعة تجريبية على مياه الآبار الجوفية في مساحة 1000 فدان تم زراعة 400 فدان منها فقط.

في 11 إبريل 2011 تحفظ النائب العام على أراض تابعة لشركة المملكة للتنمية الزراعية التي يرأسها رجل الأعمال الوليد بن طلال بمنطقة توشكي بعدما تبين أن عملية البيع تمت بالمخالفة للقانون.

والقطاع الخاص يعمل في المشاريع الربحية، وكما يقال رأس المال جبان، واعتمادنا على أنفسنا يحفظ حقوقنا، فلا نضطر لتقديم تنازلات، وقد قال الشاعر:

       ما حك جلدك مثل ظفرك    فتول أنت جميع أمرك

ورغم تواجد مستثمرين آخرين إلا أن الزمامات التي تمت زراعتها ضئيلة.

فبدلا من إسناد المشروع لوزارة الري كان الأولى إسناده لوزارة الزراعة لتتولى الدولة استثمار جدوى المشروع وإثبات نجاحه.

وقد تكون للأزمات المتتالية التي مرت بها البلاد دور في تأخير قيام الحكومة بدورها لاستثمار توافر مياه الري لزراعة الأرض التي لم تزرع.

تجديد المشروع بحلول أعمال التنمية ابتداء من 2014؛

تواصل وزارة الزراعة خطتها بشأن إعادة إحياء مشروع توشكي مرة أخرى، بعدما شهد تدهور وانهيار بشكل كامل في الخدمات اللوجستية، خلال الفترات السابقة، بسبب تراجع التمويل وعدم اهتمام الحكومات السابقة.

ومشروع توشكي يقع على مساحة 485 ألف فدان، والذي سوف يساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي من بعض الحاصلات الزراعية، حيث نجحت تجربة زراعة القطن قصير التيلة به، فضلاً عن زراعة نحو 30 ألف فدان قمح خلال المرحلة الأولى، كما يتم تجهيز حوالي 100 ألف فدان أخرى. ونفذت وزارة الزراعة شبكة ري بطول 420 كم، إضافة للانتهاء من 415 كم من شبكات الطرق الرئيسية والمدقات، ويتم حاليًا تنفيذ 677 كم أخرى، وفقًا لبيانات وزارة الزراعة.

المشروعات تهدف لإقامة مجتمعات عمرانية جديدة متكاملة موازية لوادي النيل.

كما تم تخصيص مساحة 40 ألف فدان بتوشكي لزراعة نخيل التمور الفاخرة بإجمالي عدد 2,5 مليون نخلة.

وزراعة النخيل مناسبة لدرجة الحرارة المرتفعة في توشكي.

ويتجدد العمل ومعه يتجدد الأمل، فلقد ارتفعت المياه خلف السد العالي بحلول موسم فيضان النيل للعام 2020 ليصل إلى 180 متر، الأمر الذي ييسِّر دخول مزيد من المياه مفيض توشكي، الأمر الإيجابي بالنسبة للمشروع الزراعي.

تعليقات